امبارح الصبح صاحية بهزر ومنزلة ستوري ٥ الفجر وأنا في الشارع
ورجعت بصحي الولاد للمدارس لقيت مريم تعبانة جدا ..
شوية والتعب زاد ..
نزّلت الاتنين الصغيرين لمدرستهم ورحت بمريم المستشفى نشوف فيه ايه ..
كنا شاكين في تسمم غذائي بس طلع فيروس في البطن أشد من التسمم ..
الحمد لله بسيطة .. شوية تحاليل وأدوية وقالوا التعب حياخدله كام يوم
زيارة المستشفى هنا -قسم الطوارئ بالتحديد- زيارة طويلة بتاخد مش أقل من ٤ ساعات ..
امبارح احنا خدنا ٦ ساعات
مدة طويلة بشوف فيها أشكال وألوان من الناس والأمراض .. وازاي بيتعاملوا سوا
واحنا في طابور تسجيل البيانات .. قدامي على طول أم بتسجل بيانات بنتها اللي قاعدة على كرسي على الممر .. وسنها أكبر من مريم بنتي بحوالي سنتين تلاتة ..
الاسم ..
العنوان ..
رقم التليفون ..
سبب الزيارة ..
آه .. أنا قلبي وجعني
سبب زيارة الأم ببنتها اللي مكملتش ١٥ سنة .. إن الكانسر اللي عندها ألمه شدّ أوي على دماغها الصبح ومش قادرة تستحمل معاد المتابعة المنتظمة بتاعتها .. فجت بيها الطوارئ
في لقطة تانية واحنا جوه مستنيين الدكتور ييجي يشوف مريم ..
سمعت واحدة بتتكلم بصوت عالي أوي من ال partition اللي جنبنا ..
"أنا فلانة .. قريبتك .. اللي كنت عندك في البيت الأسبوع اللي فات"
بيرد عليها صوت ست عجوزة بتقولها: تقريبا افتكرتك .. أو لأ .. انتي مين
وعرفت إن ست كبيرة جت الطوارئ وعندها ألزهايمر فمش فاكرة حتى قريبتها اللي واقفة جنبها
افتكرت ساعتها جملة قريتها من زمان أوي ومعلّمة معايا لحد دلوقتي ..
سأله: كيف حالك؟
أجاب: أنا في زحام من النعم
الحقيقة احنا كلنا (في زحام من النعم)
لما أبقى صاحية الصبح فاكرة أنا مين وفين ومين اللي معايا في البيت .. دي نعمة
إني عارفة أجيب لبنتي أكل حتى لو تعبت مرة ورحت بيها المستشفى .. ده نعمة
المدارس اللي بيروحوها ولادنا وبنشتكي من تقل المذاكرة والواجبات .. نعمة
المصاريف اللي غليت بس لسه عندنا بيت وسقف آوينا .. نعمة
الشغل اللي تعبنا فيه واتضغطنا بس عارفين نشتغل .. نعمة
الصحاب والأهل اللي بيحصل بينا مشاكل بس لسه ربنا مبارك في أعمارهم وموجودين معانا .. نعمة
العين والإيد والجلد اللي بيحس .. نعمة
احنا في زحام من النعم ..
وأكبر عدو يسرق مننا السعادة والرضا ويملى قلوبنا تقل وضيق وخنقة ..
هو إيلاف النعم لدرجة عدم رؤيتها على إنها نعم ..
بقينا نشوفها "عادي"
زيارة المستشفى بتعملي تذكرة ليا بنعم أكتر بكتير من اللي بمتن لربنا عليها كل يوم ..
ونظرة أعمق للحياة ولمغزى الحياة اللي عايشينها
فعّل استشعارك للنعم كل يوم في حياتك ..
وخلي الامتنان روتين يومي لا تألفه ولكن تمارسه باستشعار وانتباه ويقظة
علشان ميسرقش منك الرضا والسعادة .. وتبقى الحياة "عادي"